الخلقية أَقْرَبَ فَلِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ لَا يُقَدِّرُ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ وَلَيْسَ كَلَامُهُ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ بَلْ كَلَامُهُ عِنْدَهُمْ كَحَيَاتِهِ وَهُمْ يَقُولُونَ: الْكَلَامُ عِنْدَنَا صِفَةُ ذَاتٍ لَا صِفَةُ فِعْلٍ. والخلقية يَقُولُونَ صِفَةُ فِعْلٍ لَا صِفَةُ ذَاتٍ وَمَذْهَبُ السَّلَفِ أَنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ وَصْفَةُ فِعْلٍ مَعًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَافِقٌ لِلسَّلَفِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ. وَاخْتِلَافُهُمْ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى شَبِيهُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَفْعَالِهِ تَعَالَى وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَإِرَادَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَحُبِّهِ وَبُغْضِهِ وَفَرَحِهِ وَسُخْطِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ هَذِهِ كُلُّهَا أُمُورٌ مَخْلُوقَةٌ بَائِنَةٌ عَنْهُ تَرْجِعُ إلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَالْآخَرُونَ يَقُولُونَ بَلْ هَذِهِ كُلُّهَا أُمُورٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا كُلَّهَا تَعُودُ إلَى إرَادَةٍ وَاحِدَةٍ بِالْعَيْنِ مُتَعَلِّقَةً بِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هِيَ صِفَاتٌ مُتَعَدِّدَةُ الْأَعْيَانِ لَكِنْ يَقُولُ: كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةُ الْعَيْنِ قَدِيمَةٌ قَبْلَ وُجُودِ مُقْتَضَيَاتِهَا كَمَا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} فَأَخْبَرَ أَنَّ أَفْعَالَهُمْ أَسْخَطَتْهُ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أَيْ أَغْضَبُونَا. وَقَالَ تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ سَخِطَ عَلَى الْكُفَّارِ لَمَّا كَفَرُوا وَرَضِيَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا آمَنُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute