للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالنَّوْعُ الثَّانِي) عِلْمُ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ فِيهِ فَوْقَ الرَّسُولِ كَمَا قَالَ: هُوَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ الذَّهَبِيَّةِ فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحِي بِهِ إلَى الرَّسُولِ فَقَدْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ الذَّهَبِيَّةِ - وَهُوَ عِلْمُ الْبَاطِنِ وَالْحَقِيقَةِ - هُوَ فِيهِ فَوْقَ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ يَأْخُذُ الْمَلَكُ الْعِلْمَ الَّذِي يُوحِي بِهِ إلَى الرَّسُولِ وَالرَّسُولُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَلَكِ وَهُوَ يَأْخُذُهُ مِنْ فَوْقِ الْمَلَكِ مِنْ حَيْثُ يَأْخُذُهُ الْمَلَكُ وَهَذَا فَوْقَ دَعْوَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّ مُسَيْلِمَةَ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الرَّسُولِ فِي عِلْمٍ مِنْ الْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَهَذَا ادَّعَى أَنَّهُ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ بِاَللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ فَهِمْت مَا أَشَرْت بِهِ: فَقَدْ حَصَلَ لَك الْعِلْمُ النَّافِعُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكُفْرَ فَوْقَ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا تَرْضَى أَنْ تَجْعَلَ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَوْقَ مُوسَى وَعِيسَى وَهَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ أَنَّهُ فَوْقَ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَأَعْلَمُ بِاَللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَعُقَلَاءُ الْفَلَاسِفَةِ لَا يَرْضَوْنَ بِهَذَا وَإِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا غُلَاتُهُمْ وَأَهْلُ الْحُمْقِ مِنْهُمْ الَّذِينَ هُمْ مَنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ الْعَقْلِ وَالدِّينِ. (التَّاسِعُ) قَوْلُهُ: فَكُلُّ نَبِيٍّ مِنْ لَدُنْ آدَمَ - إلَى آخِرِ الْفَصْلِ - تَضَمَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ لَا يَأْخُذُونَ إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ لِيُوَطِّنَ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ: لَا يَأْخُذُونَ إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ