للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَنْ قَالَ إنَّهُ وُجُودِيٌّ قَالَ إنَّ الْجِسْمَ الَّذِي لَا يَخْلُو عَنْ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ إذَا انْتَفَتْ عَنْهُ الْحَرَكَةُ قَامَ بِهِ السُّكُونُ الْوُجُودِيُّ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَحْتَجُّ بِتَعَاقُبِ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ عَلَى حُدُوثِ الْمُتَّصِفِ بِذَلِكَ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ عَدَمِيٌّ: لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ الْحَرَكَةِ عَنْ الْمَحَلِّ ثُبُوتُ سُكُونٍ وُجُودِيٍّ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ تَقُومُ بِهِ الْحَرَكَةُ أَوْ الْحَوَادِثُ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ مَعَ قَوْلِهِ بِامْتِنَاعِ تَعَاقُبِ الْحَوَادِثِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الكَرَّامِيَة وَغَيْرِهِمْ - يَقُولُونَ: إذَا قَامَتْ بِهِ الْحَرَكَةُ لَمْ يُعْدَمْ بِقِيَامِهَا سُكُونٌ وُجُودِيٌّ؛ بَلْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إنَّهُ يَفْعَلُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا وَلَا يَقُولُونَ: إنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ - كَذَلِكَ الْحَرَكَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ يَقُولُونَ: مَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ أَوْ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ مُقَدِّمَةٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَادِثَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَارِنَهُ أَوْ يَكُونَ بَعْدَهُ وَمَا قَارَنَ الْحَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ وَمَا كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ حَادِثٌ. وَهَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلٌ فَإِنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ مَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ أَوْ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ فَهُوَ حَقٌّ بِلَا رَيْبٍ وَلَا نِزَاعٍ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا أُرِيدَ بِالْحَادِثِ جُمْلَةُ مَا لَهُ أَوَّلُ أَوْ مَا كَانَ بَعْدَ الْعَدَمِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالْحَوَادِثِ الْأُمُورُ الَّتِي تَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَا إلَى أَوَّلَ. وَقِيلَ: إنَّهُ مَا لَا يَخْلُو عَنْهَا وَمَا لَمْ يَخْلُ عَنْهَا فَهُوَ حَادِثٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَلَا بَيِّنًا