بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ. ثُمَّ الْفَلَاسِفَةُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مُتَنَازِعُونَ فِي قِيَامِ الصِّفَاتِ وَالْحَوَادِثِ بِوَاجِبِ الْوُجُودِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ لَهُمْ وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَسَاطِينِ الْقُدَمَاءِ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَأَبِي الْبَرَكَاتِ صَاحِبِ الْمُعْتَبَرِ وَغَيْرِهِ كَمَا بَسَطْت أَقْوَالَهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقِيلَ: بَلْ إنْ كَانَ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْحَوَادِثِ مُمْكِنًا بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى مَفْعُولًا وَمَعْلُولًا وَمَرْبُوبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا. وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَأَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ مَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِنَفْسِهِ فَهُوَ حَادِثٌ أَوْ مَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ وَهُوَ مَعْلُولٌ أَوْ مَفْعُول أَوْ مُبْتَدَعٌ أَوْ مَصْنُوعٌ فَهُوَ حَادِثٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَفْعُولًا مُسْتَلْزِمًا لِلْحَوَادِثِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا؛ فَإِنَّ الْقَدِيمَ الْمَعْلُولَ لَا يَكُونُ قَدِيمًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مُوجِبٌ قَدِيمٌ بِذَاتِهِ يَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعَهُ أَزَلِيًّا لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ. فَإِنَّ كَوْنَهُ مَفْعُولًا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدِيمًا بَلْ قِدَمُهُ يُنَافِي كَوْنَهُ مُمْكِنًا فَلَا يَكُونُ مُمْكِنًا إلَّا مَا كَانَ مُحْدَثًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين وَهَذَا قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ الْقُدَمَاءِ قَاطِبَةً كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ مُمْكِنًا قَدِيمًا بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَابْنِ سِينَا وَأَتْبَاعِهِ خَالَفُوا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute