للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يَحْتَاجُ فِي ثُبُوتِ كَمَالِهِ إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ مُعْطِي الْكَمَالِ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ أَكْمَلَ مِنْهُ لَوْ كَانَ غَيْرُهُ مُعْطِيًا لَهُ الْكَمَالَ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ؛ بَلْ هُوَ بِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ مُسْتَحِقٌّ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا عَلَى غَيْرِهِ فَيَجِبُ ثُبُوتُ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ وَالْمُتَكَلِّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَكْمَلُ مِمَّنْ يَكُونُ الْكَلَامُ لَازِمًا لَهُ بِدُونِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَاَلَّذِي لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ أَكْمَلُ مِمَّنْ صَارَ الْكَلَامُ يُمْكِنُهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ مُمْكِنًا لَهُ. وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ قَدِيمٌ مَعَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يُنَادِي وَيَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قِدَمُ صَوْتٍ مُعَيَّنٍ وَإِذَا كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالْإِنْجِيلِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْبَاءِ قَبْلَ السِّينِ وَإِنْ كَانَ نَوْعُ الْبَاءِ وَالسِّينِ قَدِيمًا لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ الْمُعَيَّنَةُ وَالسِّينُ الْمُعَيَّنَةُ قَدِيمَةً؛ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّوْعِ وَالْعَيْنِ وَهَذَا الْفَرْقُ ثَابِتٌ فِي الْإِرَادَةِ وَالْكَلَامِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ وَبِهِ تَنْحَلُّ الْإِشْكَالَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى وَحْدَةِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَتَعَدُّدِهَا وَقِدَمِهَا وَحُدُوثِهَا وَكَذَلِكَ تَزُولُ بِهِ الْإِشْكَالَاتُ الْوَارِدَةُ فِي أَفْعَالِ الرَّبِّ وَقِدَمِهَا وَحُدُوثِهَا وَحُدُوثِ الْعَالَمِ. وَإِذَا قِيلَ: إنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ قَدِيمَةٌ بِمَعْنَى النَّوْعِ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ إنَّ عَيْنَ اللَّفْظِ الَّذِي نَطَقَ بِهِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو قَدِيمٌ