للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَهُ الْمُسْلِمُونَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جهمي. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ النَّاسُ كَلَامَ مُحَدِّثٍ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى} قَالُوا: هَذَا كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ هَذَا كَلَامُهُ بِعَيْنِهِ. لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ وَتَكَلَّمَ بِصَوْتِهِ ثُمَّ الْمُبَلِّغُ لَهُ عَنْهُ بَلَّغَهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ فَالْكَلَامُ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِمَعَانِيهِ وَأَلَّفَ حُرُوفَهُ بِصَوْتِهِ وَالْمُبَلِّغُ لَهُ بَلَّغَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَصَوْتِ نَفْسِهِ. فَإِذَا قَالُوا: هَذَا كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ إشَارَتُهُمْ إلَى نَفْسِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ حُرُوفُهُ وَنَظْمُهُ وَمَعَانِيهِ لَا إلَى مَا اخْتَصَّ بِهِ الْمُبَلِّغُ مِنْ حَرَكَاتِهِ وَأَصْوَاتِهِ؛ بَلْ يُضِيفُونَ الصَّوْتَ إلَى الْمُبَلِّغِ فَيَقُولُونَ صَوْتٌ حَسَنٌ وَمَا كَانَ فِي الْكَلَامِ مِنْ فَصَاحَةِ حُرُوفِهِ وَنَظْمِهِ وَبَلَاغَةِ مَعَانِيهِ فَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْمُتَكَلِّمِ بِهِ ابْتِدَاءً لَا إلَى الْمُبَلِّغِ لَهُ؛ وَلَكِنْ يُضَافُ إلَى الْمُبَلِّغِ حُسْنُ الْأَدَاءِ: كَتَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَتَحْسِينِ الصَّوْتِ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} .