وَمَنْ جَعَلَ كَلَامَ اللَّهِ لَا يَقُومُ إلَّا بِغَيْرِ اللَّهِ كَانَ الْمُتَّصِفُ بِهِ هُوَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَتَكُونُ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةَ لِمُوسَى {إنَّنِي أَنَا اللَّهُ} وَلِهَذَا اشْتَدَّ نَكِيرُ السَّلَفِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَقَالُوا هَذَا نَظِيرُ قَوْلِ فِرْعَوْنَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} أَيْ هَذَا كَلَامٌ قَائِمٌ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا صَرَّحَ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ الِاتِّحَادِيَّةُ: كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَنَحْوِهِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ. وَأَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ - الْمُوَافِقُونَ لِلسَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ - لَا يَقُولُونَ إنَّ الرَّبَّ كَانَ مَسْلُوبًا صِفَاتِ الْكَمَالِ فِي الْأَزَلِ وَإِنَّهُ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَلَامِ حَتَّى حَدَثَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ كَالطِّفْلِ. وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ يَجْعَلُونَ الْكَلَامَ لِغَيْرِهِ فَيَسْلُبُونَهُ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ لَا عَلَى كَلَامٍ مَخْلُوقٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَهُمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْعَجْزِ عَنْ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ فَهُوَ لَازِمٌ لِقَوْلِهِمْ. والكَرَّامِيَة فَرُّوا مِنْ الْأَوَّلِ؛ وَجَعَلُوهُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ يَقُومُ بِهِ؛ لَكِنْ لَمْ يَجْعَلُوهُ مُتَكَلِّمًا فِي الْأَزَلِ؛ بَلْ وَلَا قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ فِي الْحَقِيقَةِ فِي الْأَزَلِ. والْكُلَّابِيَة وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ السالمية وَنَحْوِهِمْ وَصَفُوهُ بِالْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ وَقَالُوا: إنَّهُ مَوْصُوفٌ بِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا لَكِنْ لَمْ يَجْعَلُوهُ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ وَلَا مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute