وَيُقَالُ فِي أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ: مَالِكِيَّةٌ وَحَنَفِيَّةٌ وَشَافِعِيَّةٌ وَحَنْبَلِيَّةٌ. وَتَارَةً تُضَافُ إلَى قَوْلِهَا وَعَمَلِهَا كَمَا يُقَالُ: الرَّوَافِضُ وَالْخَوَارِجُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَلَفْظَةُ الْحَشْوِيَّةِ لَا يَنْبَنِي لَا عَنْ هَذَا وَلَا عَنْ هَذَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقَوْمٌ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ حَادِثٌ بِالصَّوْتِ وَالْحَرْفِ - وَهُمْ الْجَهْمِيَّة - فَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَقَالَاتِ النَّاسِ. فَإِنَّ الْجَهْمِيَّة يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَيْسَ لَهُ كَلَامٌ وَإِنَّمَا خَلَقَ شَيْئًا فَعُبِّرَ عَنْهُ وَمِنْهُمْ قَالَ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأَمَّا الكَرَّامِيَة فَتَقُولُ: إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَهُوَ مُتَكَلِّمٌ بِهِ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ. وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ حَادِثٌ قَائِمٌ بِهِ وَهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْجَهْمِيَّة؛ بَلْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ الرَّدِّ وَهُمْ أَعْظَمُ مُبَايَنَةً لَهُمْ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ. وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّ الْقُرْآنَ حَادِثٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ كَلَامَ اللَّهِ كُلَّهُ حَادِثٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ التومني وَزُهَيْرٍ الْبَابِيِّ ودَاوُد بْنِ عَلِيٍّ الأصبهاني بَلْ وَالْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ وَغَيْرُهُ وَطَوَائِفُ كَثِيرَةٌ يُذْكَرُ عَنْهُمْ هَذَا فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ حَادِثٌ كَانَ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَلَا يَقُولُ إنَّهُ مَخْلُوقٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute