للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ هَؤُلَاءِ: فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ حُرُوفِهِ وَمَعَانِيهِ. بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ سَلِمْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَحَاذِيرِ وَلَمْ يَكُنْ مِنَّا مَحْذُورٌ شَرْعِيٌّ وَلَا عَقْلِيٌّ. فَقَالَ لَهُمْ " الْفَرِيقُ السَّابِعُ ": وَلَكِنْ جَعَلْتُمُوهُ عَاجِزًا عَنْ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ مَسْلُوبًا لِلْكَمَالِ وَلَزِمَكُمْ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ مِنْ الْأَزَلِ إلَى الْأَبَدِ لَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ تَكَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا حَادِثًا فَيَحْتَاجُ إلَى سَبَبٍ حَادِثٍ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ الْحَادِثِ كَالْقَوْلِ فِي الْأَوَّلِ؛ فَيَلْزَمُ تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا بَطَلَ قَوْلُكُمْ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَقُولُوا لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ كَمَا قَالَهُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَجَمَاهِيرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَإِنَّكُمْ حِينَئِذٍ تَكُونُونَ قَدْ وَصَفْتُمْ رَبَّكُمْ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ أَزَلًا وَأَبَدًا. قَالُوا: وَهَذَا الْقَوْلُ خَيْرٌ مِنْ سَائِر الْأَقْوَالِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ الْمَعْقُولَ وَصَحِيحَ الْمَنْقُولِ. فَقَالَ لَهُمْ أُولَئِكَ: هَذَا يَسْتَلْزِمُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فَقَالَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ: هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَعٌ وَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ لَمْ يَأْتِ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ: بَلْ الْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِهِ. وَاَلَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الكَرَّامِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ: ظَنُّوا أَنَّهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ يُثْبِتُونَ حُدُوثَ الْعَالَمِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَجْسَامَ لَا تَخْلُو مِنْ الْأَعْرَاضِ الْمُحْدَثَةِ وَمَا لَا يَخْلُو مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ