للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَلَا يُحَرِّمُ فَرْجًا - هُوَ حَقٌّ عَنْهُ؛ لَكِنَّهُ بَعْضُ أَنْوَاعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكُفْرِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: لَمْ يَكُنْ قَدْ تَبَيَّنَ لَهُ حَالُهُ وَتَحَقَّقَ وَإِلَّا فَلَيْسَ عِنْدَهُ رَبٌّ وَعَالَمٌ كَمَا تَقُولُهُ الْفَلَاسِفَةُ الإلهيون الَّذِينَ يَقُولُونَ بِوَاجِبِ الْوُجُودِ؛ وَبِالْعَالَمِ الْمُمْكِنِ؛ بَلْ عِنْدَهُ وُجُودُ الْعَالَمِ هُوَ وُجُودُ اللَّهِ وَهَذَا يُطَابِقُ قَوْلَ الدَّهْرِيَّةِ الطبائعية الَّذِينَ يُنْكِرُونَ وُجُودَ الصَّانِعِ مُطْلَقًا وَلَا يُقِرُّونَ بِوُجُودِ وَاجِبٍ غَيْرِ الْعَالَمِ. كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْ فِرْعَوْن وَذَوِيهِ؛ وَقَوْلُهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ فِرْعَوْنَ لَكِنَّ فِرْعَوْن لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِاَللَّهِ وَهَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِاَللَّهِ وَلَكِنْ يُفَسِّرُونَهُ بِالْوُجُودِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِرْعَوْنُ فَهُمْ أَجْهَلُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَضَلُّ؛ وَفِرْعَوْنُ أَكْفَرُ مِنْهُمْ: إذْ فِي كُفْرِهِ مِنْ الْعِنَادِ وَالِاسْتِكْبَارِ مَا لَيْسَ فِي كُفْرِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وَقَالَ لَهُ مُوسَى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} .

وَجِمَاعُ أَمْرِ صَاحِبِ الْفُصُوصِ وَذَوِيهِ: هَدْمُ أُصُولِ الْإِيمَانِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنَّ أُصُولَ الْإِيمَانِ: الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ؛ وَالْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ؛ وَالْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. فَأَمَّا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ: فَزَعَمُوا أَنَّ وُجُودَهُ وُجُودُ الْعَالَمِ لَيْسَ لِلْعَالَمِ صَانِعٌ غَيْرُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا الرَّسُولُ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ مِنْهُ وَمِنْ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَمِنْهُمْ مَنْ