وَهَذَا إذَا أَطْلَقُوهُ " مُجْمَلًا " فَهُوَ حَقٌّ؛ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا لَفْظِي أَوْ تِلَاوَتِي أَوْ صَوْتِي؛ فَلَفْظِي أَوْ تِلَاوَتِي أَوْ صَوْتِي غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ فَضَلُّوا كَمَا ضَلَّ غَيْرُهُمْ؛ وَلَوْ اهْتَدَوْا لَعَلِمُوا أَنَّا إذَا قُلْنَا: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ فَلَمْ نُشِرْ إلَيْهِ بِمَا امْتَازَ قَارِئٌ عَنْ قَارِئٍ إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مَا يُسْمَعُ مِنْ كُلِّ قَارِئٍ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَوْتَ هَذَا الْقَارِئِ لَيْسَ هُوَ صَوْتَ هَذَا الْقَارِئِ فَقَدْ اتَّحَدَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ. وَاخْتَلَفَ مِنْ جِهَةِ أَصْوَاتِ الْقُرَّاءِ. وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ الْمُتَّحِدَةِ لَا بِاعْتِبَارِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَحْوَالُ الْقُرَّاءِ. وَهَذَا لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَلَفْظُهُ هُوَ الْحُرُوفُ الْمَقْرُوءَةُ الْمَنْظُومَةُ. وَإِنْ كَانَتْ الْحُرُوفُ أَصْوَاتًا مُقَطَّعَةً أَوْ هِيَ أَطْرَافُ الْأَصْوَاتِ الْمُقَطَّعَةِ فَهِيَ مِنْ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ صُورَتِهَا الْخَاصَّةِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّأْلِيفِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَادَّةِ الصَّوْتِيَّةِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الصَّائِتِينَ؛ وَلِهَذَا مَا كَانَ فِي الْكَلَامِ مِنْ بَلَاغَةٍ وَبَيَانٍ وَحُسْنِ تَأْلِيفٍ وَنَظْمٍ وَكَمَالِ مَعَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُتَكَلِّمِ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ لِمُجَرَّدِ صِفَاتِ الَّذِي بَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: مَنْ قَالَ إنَّ مَذْهَبَ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ هُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ أَوْ قَرِيبٌ أَوْ سَوَاءٌ مَعَهُ فَهُوَ جَاهِلٌ بِمَذْهَبِ الْفَرِيقَيْنِ؛ إذْ الْجَهْمِيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute