للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُقَدِّمَةُ فِي غَايَةِ الشَّرَفِ وَالْعُلُوِّ وَهِيَ غَايَةُ عُقُولِ الْعُقَلَاءِ. قَالُوا: الْوُجُودُ إمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُمْكِنٌ وَالْمُمْكِنُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَاجِبٍ وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ: إذْ لَوْ كَانَ مُمْكِنًا لَافْتَقَرَ إلَى مُؤَثِّرٍ آخَرَ.

[" أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى " وَهِيَ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ: فَهَذَا لَهُ لَازِمَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُنَزَّهًا عَنْ الْكَثْرَةِ فِي حَقِيقَتِهِ ثُمَّ يَلْزَمُ فِي ذَاتِهِ أُمُورٌ: " أَحَدُهَا " أَنْ لَا يَكُونَ مُتَحَيِّزًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتَحَيِّزٍ مُنْقَسِمٌ وَالْمُنْقَسِمُ لَا يَكُونُ فَرْدًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَحَيِّزًا لَمْ يَكُنْ فِي جِهَةٍ. وَ " ثَانِيهَا " أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَاشْتَرَكَا فِي الْوُجُوبِ وَتَبَايَنَا فِي التَّعْيِينِ وَمَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ غَيْرُ مَا بِهِ الِامْتِيَازُ؛ فَيَلْزَمُ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَكَّبًا فِي نَفْسِهِ وَقَدْ فَرَضْنَاهُ فَرْدًا هَذَا خَالَفَ اللَّازِمَ الثَّانِيَ؛ لِكَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ أَنْ لَا يَكُونُ حَالًّا وَلَا مَحَلًّا وَالْأَفْعَالُ الِافْتِقَارُ هِيَ. . . (١)

قُلْت: وَلِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا هُوَ أَصْلُ الْفَلَاسِفَةِ فِي التَّوْحِيدِ الَّذِي نَفَوْا بِهِ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا] (*).


(١) هكذا بالأصل
(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ١٠٥):
وقد وقع اضطراب وتصحيف في آخر النقل عن الرازي، وصحة هذا النقل كما في (الأربعين) ٢/ ٣٢٦:
(أما المقدمة الأولى) وهي أنه واجب لذاته:
فهذا له لازمان:
الأول: أن يكون منزها عن الكثرة في حقيقته ثم يلزم من فردانيته في ذاته أمران:
أحدهما: أن لا يكون متحيزا؛ لأن كل متحيز منقسم، والمنقسم لا يكون فردا، ولما لم يكن متحيزا لم يكن في جهة.
وثانيهما: أن لا يكون واجب الوجود أكثر من واحد، إذ لو كان أكثر من واحد لاشتركا في الوجوب وتباينا في التعين، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز؛ فيلزم كون كل واحد منهما مركبه في نفسه، وقد قرضناه فردا، هذا خلف.
اللازم الثاني: كون واجب الوجود لذاته لا يكون حالا ولا محلا، وإلا لعاد الافتقار. اه (١).

(١) لا يخفى وقوع التصحيف في بعض العبارات المنقولة، وآخرها تصحيف علامة انتهاء النقل (اه) إلى (هي) كما يظهر.