للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} فَهَذَا خَطَأٌ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَعْلُومٌ بِالْقُلُوبِ وَأَنَّهُ مَتْلُوٌّ بِالْأَلْسُنِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَذْكُورٌ بِالْأَلْسُنِ وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الْمُصْحَفِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَكْتُوبٌ. وَجَعْلُ ثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي الصُّدُورِ وَالْأَلْسِنَةِ وَالْمَصَاحِفِ مِثْلَ ثُبُوتِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ؛ فَهَذَا - أَيْضًا - مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْأَعْيَانِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ ثُبُوتِ الْكَلَامِ فِيهَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ؛ فَإِنَّ الْمَوْجُودَاتِ لَهَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: مَرْتَبَةٌ فِي الْأَعْيَانِ وَمَرْتَبَةٌ فِي الْأَذْهَانِ وَمَرْتَبَةٌ فِي اللِّسَانِ وَمَرْتَبَةٌ فِي الْبَنَانِ. فَالْعِلْمُ يُطَابِقُ الْعَيْنَ وَاللَّفْظُ يُطَابِقُ الْعِلْمَ وَالْخَطُّ يُطَابِقُ اللَّفْظَ. فَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْعَيْنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الَّذِي فِي الزُّبُرِ إنَّمَا هُوَ الْخَطُّ الْمُطَابِقُ لِلَّفْظِ الْمُطَابِقِ لِلْعِلْمِ فَبَيْنَ الْأَعْيَانِ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ مَرْتَبَتَانِ وَهِيَ اللَّفْظُ وَالْخَطُّ وَأَمَّا الْكَلَامُ نَفْسُهُ فَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ مَرْتَبَةٌ بَلْ نَفْسُ الْكَلَامِ يُجْعَلُ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْحَرْفِ الْمَلْفُوظِ وَالْحَرْفِ الْمَكْتُوبِ فَرْقٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ إلَّا إذَا أُرِيدَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ هُوَ ذِكْرُهُ وَالْخَبَرُ عَنْهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}