للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{حم} {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} وَكَذَلِكَ {حم} {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {حم} {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وَالتَّنْزِيلُ بِمَعْنَى الْمُنَزَّلِ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ كَثِيرٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ مِنْهُ بَدَأَ. قَالَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ: وَإِلَيْهِ يَعُودُ أَيْ: هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ. وَقَالَ كَلَامُ اللَّهِ مِنْ اللَّهِ لَيْسَ بِبَائِنِ مِنْهُ أَيْ لَمْ يَخْلُقْهُ فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً مُنَزَّلًا مِنْ ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ؛ بَلْ هُوَ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ وَمِنْ اللَّهِ بَدَأَ لَا مِنْ مَخْلُوقٍ فَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ لِخَلْقِهِ. وَأَمَّا النُّزُولُ " الْمُقَيَّدُ " بِالسَّمَاءِ فَقَوْلُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ} وَالسَّمَاءُ اسْمُ جِنْسٍ لِكُلِّ مَا عَلَا فَإِذَا قُيِّدَ بِشَيْءِ مُعَيَّنٍ تَقَيَّدَ بِهِ، فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ السَّمَاءِ مُطْلَقٌ أَيْ فِي الْعُلُوِّ؛ ثُمَّ قَدْ بَيَّنَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} وَقَوْلُهُ {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} أَيْ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ السَّحَابِ وَمِمَّا يُشْبِهُ نُزُولَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} فَنُزُولُ الْمَلَائِكَةِ هُوَ نُزُولُهُمْ بِالْوَحْيِ مَنْ أَمْرِهِ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} فَهَذَا شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ}