مُنَزَّلًا. وَإِمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ فَلَا وَكِلَاهُمَا حَقٌّ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ خَلَقْنَاهُ وَقِيلَ أَنْزَلْنَا أَسْبَابَهُ وَقِيلَ أَلْهَمْنَاهُمْ كَيْفِيَّةَ صَنْعَتِهِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ ضَعِيفَةٌ؛ فَإِنَّ النَّبَاتَ الَّذِي ذَكَرُوا لَمْ يَجِئْ فِيهِ لَفْظُ أَنْزَلْنَا وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كُلِّ مَا يُصْنَعُ أَنْزَلْنَا فَلَمْ يَقُلْ: أَنْزَلْنَا الدُّورَ وَأَنْزَلْنَا الطَّبْخَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ لَمْ يَقُلْ إنَّا أَنْزَلْنَا كُلَّ لِبَاسٍ وَرِيَاشٍ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الرِّيشَ وَالرِّيَاشَ الْمُرَادُ بِهِ اللِّبَاسُ الْفَاخِرُ كِلَاهُمَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِثْلُ اللُّبْسِ وَاللِّبَاسِ وَقَدْ قِيلَ: هُمَا الْمَالُ وَالْخِصْبُ وَالْمَعَاشُ وَارْتَاشَ فُلَانٌ حَسُنَتْ حَالَتُهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ " الرِّيشَ " هُوَ الْأَثَاثُ وَالْمَتَاعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعْطَانِي فُلَانٌ رِيشَهُ أَيْ كُسْوَتَهُ وَجِهَازَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّيَاشُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْأَثَاثُ وَمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَتَاعِ وَالثِّيَابِ وَالْفُرُشِ وَنَحْوِهَا وَبَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَالٌ مَخْصُوصٌ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: جَمَالًا؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ وَهُوَ مَا يَرُوشُ بِهِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَجَمَالُ الطَّائِرِ رِيشُهُ وَكَذَلِكَ مَا يَبِيتُ فِيهِ الْإِنْسَانُ مِنْ الْفُرُشِ وَمَا يَبْسُطُهُ تَحْتَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالْقُرْآنُ مَقْصُودُهُ جِنْسُ اللِّبَاسِ الَّذِي يُلْبَسُ عَلَى الْبَدَنِ وَفِي الْبُيُوتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} الْآيَةَ فَامْتَنَّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ مِنْ الْأَنْعَامِ فِي اللِّبَاسِ وَالْأَثَاثِ وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَعْنَى إنْزَالِهِ؛ فَإِنَّهُ يُنَزِّلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute