وَمَنْشَأُ ضَلَالِ الْجَمِيعِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي هَذَا. فَأَنْتَ تَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي تَسْمَعُهُ مِنْ قَائِلِهِ صِدْقٌ وَحَقٌّ وَصَوَابٌ وَهُوَ كَلَامُ حَكِيمٍ وَكَذَلِكَ إذَا سَمِعْته مِنْ نَاقِلِهِ تَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ صِدْقٌ وَحَقٌّ وَصَوَابٌ وَهُوَ كَلَامُ حَكِيمٍ فَالْمُشَارُ إلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ وَتَقُولُ أَيْضًا: إنَّ هَذَا صَوْتٌ حَسَنٌ وَهَذَا كَلَامٌ مِنْ وَسَطِ الْقَلْبِ ثُمَّ إذَا سَمِعْته مِنْ النَّاقِلِ تَقُولُ: هَذَا صَوْتٌ حَسَنٌ أَوْ كَلَامٌ مِنْ وَسَطِ الْقَلْبِ فَالْمُشَارُ إلَيْهِ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُنَاكَ بَلْ أَشَارَ إلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا مِنْ صَوْتِهِ وَقَلْبِهِ وَإِلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا مِنْ صَوْتِهِ وَقَلْبِهِ وَإِذَا كُتِبَ الْكَلَامُ فِي صَفْحَتَيْنِ كَالْمُصْحَفَيْنِ تَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا قُرْآنٌ كَرِيمٌ وَهَذَا كِتَابٌ مَجِيدٌ وَهَذَا كَلَامُ اللَّهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهِ وَاحِدٌ ثُمَّ تَقُولُ هَذَا خَطٌّ حَسَنٌ وَهَذَا قَلَمُ النَّسْخِ أَوْ الثُّلُثِ وَهَذَا الْخَطُّ أَحْمَرُ أَوْ أَصْفَرُ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ هُنَا مَا يَخْتَصُّ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْمُصْحَفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ. فَإِذَا مَيَّزَ الْإِنْسَانُ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ بِهَذَا وَهَذَا تَبَيَّنَ الْمُتَّفَقَ وَالْمُفْتَرِقَ وَعَلِمَ أَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بِهِ وَصَلَ إلَيْنَا مِنْ حَرَكَاتِ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتِهِمْ وَمَنْ قَالَ: هَذَا مَخْلُوقٌ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مُجَرَّدِ صَوْتِ الْعَبْدِ وَحَرَكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسَهُ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ الَّذِي تَعَلَّمَ هَذَا الْقَارِئُ مِنْ غَيْرِهِ وَبَلَّغَهُ بِحَرَكَتِهِ وَصَوْتِهِ مَخْلُوقٌ مَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ وَضَلَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute