وَيُنَادِي عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَوْتِ وَيَتَكَلَّمُ بِالْوَحْيِ بِصَوْتِ وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِلَا صَوْتٍ أَوْ بِلَا حَرْفٍ وَلَا أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِصَوْتِ أَوْ بِحَرْفِ كَمَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الصَّوْتَ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى قَدِيمٌ وَلَا إنَّ ذَلِكَ النِّدَاءَ قَدِيمٌ وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إنَّ هَذِهِ الْأَصْوَاتَ الْمَسْمُوعَةَ مِنْ الْقُرَّاءِ هِيَ الصَّوْتُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ؛ بَلْ الْآثَارُ مُسْتَفِيضَةٌ عَنْهُمْ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الصَّوْتِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ اللَّهُ بِهِ وَبَيْنَ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ. وَكَانَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ يَعُدُّونَ مَنْ أَنْكَرَ تَكَلُّمَهُ بِصَوْتِ مِنْ الْجَهْمِيَّة كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ جهمية إنَّمَا يَدُورُونَ عَلَى التَّعْطِيلِ. وَذَكَرَ بَعْضَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ. وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ صَنَّفَ فِي السُّنَّةِ. . . (١) مِنْ ذَلِكَ قِطْعَةً وَعَلَى ذَلِكَ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " كِتَابِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ " مِمَّا يُبَيِّنُ بِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّوْتَيْنِ آثَارًا مُتَعَدِّدَةً. وَكَانَتْ مِحْنَةُ الْبُخَارِيِّ مَعَ أَصْحَابِهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي وَغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَحْمَد بِسِنِينَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحْمَد فِي الْبُخَارِيِّ إلَّا بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْبُخَارِيِّ بِسُوءِ فَقَدْ افْتَرَى عَلَيْهِ.
(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute