للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَسَبُوا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالدِّينِ مُنَاقِضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ " بِدْعَةٌ شَنِيعَةٌ " لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ قَطُّ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: لَا عُلَمَاءُ السُّنَّةِ وَلَا عُلَمَاءُ الْبِدْعَةِ وَلَا يَقُولُهَا عَاقِلٌ يَفْهَمُ مَا يَقُولُ؛ وَلَكِنْ عَرَضَ لِمَنْ قَالَهَا شُبْهَةٌ وَنَحْنُ نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَا يُحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي فَسَادُهُ مَعْلُومٌ ببداءة الْعُقُولِ أَنْ يُحْتَجَّ لَهُ بِنَقْلِ عَنْ إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا مِنْ جِهَةِ بَيَانِ أَنَّ رَدَّهُ وَإِنْكَارَهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّ قَائِلَهُ مُخَالِفٌ لِلْأُمَّةِ مُبْتَدِعٌ فِي الدِّينِ؛ وَلِتَزُولَ بِذَلِكَ شُبْهَةُ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ لَوَازِمَ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ الْمُعَظَّمِينَ؛ وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ نَقِيضَ قَوْلِهِمْ مَنْصُوصٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّبَعِينَ فِي السُّنَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا سَكَتُوا عَنْهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا. وَأَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ نَصُّوا عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ - نَصًّا مُطْلَقًا - بَلْ نَصَّ أَحْمَد وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى " أَفْعَالِ الْعِبَادِ " عُمُومًا وَعَلَى " كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ " خُصُوصًا وَلَمْ يَمْتَنِعُوا عَنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لِهَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفِينَ حَتَّى لَا يَقُولَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ: إنَّهُ لَا يُقَالُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِأَجْلِ شُبْهَتِهِمْ أَوْ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي