وَلِهَذَا قَالَ فِي أَوَائِلِ الْبَقَرَةِ فِي نَعْتِ الْمُؤْمِنِينَ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} كَمَا قَالَ هُنَا: {فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} فَإِنَّ الْهُدَى ضِدُّ الضَّلَالِ وَالْفَلَاحَ ضِدُّ الشَّقَاءِ وَقَالَ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ إمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ آمَنَ بِبَعْضِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ كَمَنْ آمَنَ بِبَعْضِ الْمُرْسَلِينَ دُونَ بَعْضٍ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَيْثُ آمَنُوا بِمُوسَى أَوْ مُوسَى وَالْمَسِيحِ مَعَهُ دُونَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا يُخَاطِبُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ الْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوا رَسُولًا وَأَهْلَ الْكِتَابِ الْمُصَدِّقِينَ بِبَعْضِ الرُّسُلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} وَفِي قَوْلِهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} . وَكَمَنْ آمَنَ بِبَعْضِ صِفَاتِ الرِّسَالَةِ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ: مِنْ الصَّابِئِينَ الْفَلَاسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ: الَّذِينَ قَدْ يُقِرُّونَ بِأَصْلِ الرِّسَالَةِ؛ لَكِنْ يَجْعَلُونَ الرَّسُولَ بِمَنْزِلَةِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ: الَّذِي قَدْ وَضَعَ قَانُونًا لِقَوْمِهِ أَوْ يَقُولُونَ: إنَّ الرِّسَالَةَ لِلْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ أَوْ فِي الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ دُونَ الْعِلْمِيَّةِ أَوْ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا النَّاسُ دُونَ الْخَصَائِصِ الَّتِي يَمْتَازُ بِهَا الكمل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute