بِدُونِ أَنْ يَخْطُرَ بِالْبَالِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ أَنَّ كُلَّ ضِدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَأَنَّ كُلَّ كُلٍّ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ جُزْءٍ. وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ النَّقِيضَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ فَمَا مِنْ نَقِيضَيْنِ يُعْرَفُ أَنَّهُمَا نَقِيضَانِ إلَّا وَيُعْرَفُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ بِدُونِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَنَّ كُلَّ نَقِيضَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ. فَعَامَّةُ الْمَطَالِبِ يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنْ الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ الْمُتَضَمِّنِ لِلْكُبْرَى الَّذِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ وَالْأُمُورُ الْمُعَيَّنَاتُ لَا تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالْقِيَاسِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَهُمْ يُسَلِّمُونَ ذَلِكَ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى الصَّانِعِ هِيَ آيَاتٌ تَدُلُّ بِنَفْسِهَا عَلَى نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ دَلَالَةِ الْآيَاتِ وَدَلَالَةِ الْقِيَاسِ وَأَنَّ الْأَدِلَّةَ أَكْمَلُ وَأَنْفَعُ وَطَرِيقَةُ الْقِيَاسِ تَابِعَةٌ لَهَا وَدُونَهَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْكَمَالِ وَالْقُرْآنُ جَاءَ بِهَذِهِ وَهَذِهِ وَمَعْرِفَةُ الْإِلَهِيَّاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَغَيْرِهَا فَتِلْكَ الطَّرِيقَةُ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ. وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يُنَالُ مَطْلُوبٌ فِطْرِيٌّ إلَّا بِطَرِيقَةِ الْقِيَاسِ الَّذِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ وَالْقَضِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ لَا تُفِيدُ إلَّا أَمْرًا كُلِّيًّا عَقْلِيًّا لَا تُفِيدُ مَعْرِفَةَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَكُلُّ مَوْجُودٍ فَهُوَ مُعَيَّنٌ فَكَيْفَ يَقُولُ عَاقِلٌ مَعَ هَذَا أَنَّهُ لَا يُنَالُ عَلَمٌ إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقِ ثُمَّ إنَّهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ يَظُنُّونَ أَنَّ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ بَلْ وَعِلْمَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَصَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute