وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ هَؤُلَاءِ طَعَنَ فِي تِلْكَ النُّقُولِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّفَهَا لَفْظًا وَأَمَّا تَحْرِيفُ مَعَانِيهَا فَذَهَبَ إلَيْهِ طَوَائِفُ فَأَمَّا الَّذِينَ ثَبَّتُوا النَّقْلَ عَنْهُ وَوَافَقُوهُ عَلَى إنْكَارِهِ الْأَمْرَيْنِ وَهُمْ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ كَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي " مَقَالَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ " إنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَمَنْ قَالَ: لَفْظِي بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ. لَكِنْ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ تَأَوَّلَ كَلَامَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَنَعَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ يُلْفَظُ بِهِ وَهَذَا قَالَهُ الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ الْبَاقِلَانِي وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَتْبَاعُهُ كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِي وَأَمْثَالِهِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَأَوَّلُوا كَلَامَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَعْنَى الَّذِي أَنْكَرَهُ أَحْمَد عَلَى مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَتْبَاعُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ الْمَعْنَى الَّذِي أَنْكَرَهُ أَحْمَد عَلَى مَنْ قَالَ لَفْظِي بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ الزَّاغُونِي وَأَمْثَالُهُمَا؛ فَإِنَّ أَحْمَد وَسَائِر الْأَئِمَّةِ يُنْكِرُونِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ مَخْلُوقًا حُرُوفُهُ. أَوْ مَعَانِيهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّوْرَاةِ هُوَ مَعْنَى الْقُرْآنِ وَأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ يَكُونُ قُرْآنًا وَإِذَا عُبِّرَ عَنْهُ بالعبرانية يَكُونُ هُوَ التَّوْرَاةَ وَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ لَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ أَوْ أَنْ يُطْلَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute