للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَزَلِيٌّ كَالْعِلْمِ؟ أَوْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ إذَا شَاءَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. ذَكَرَهُمَا الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيَّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي " كِتَابِ الشَّافِي " عَنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَذَكَرَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ " أُصُولِ الدِّينِ ". وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ سَائِر طَوَائِفِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ " الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " وَالنِّزَاعُ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَبَيْنَ سَائِر الْفِرَقِ حَتَّى بَيْنَ الْفَلَاسِفَةِ أَيْضًا وَقَدْ حَقَّقْت ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهَذَا مَنْشَأُ نِزَاعِ الَّذِينَ وَافَقُوا السَّلَفَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِي أَنَّ الرَّبَّ هَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَاَلَّذِينَ وَافَقُوا ابْنَ كُلَّابٍ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ بَلْ كَلَامُهُ لَازِمٌ لِذَاتِهِ كَحَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ عَرَفَ أَنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ لَا تَكُونُ قَدِيمَةَ الْعَيْنِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ: الْقَدِيمُ هُوَ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مُتَعَاقِبَةً وَالصَّوْتُ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا. فَقَالَ: الْقَدِيمُ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ لِامْتِنَاعِ مَعَانِي لَا نِهَايَةَ لَهَا وَامْتِنَاعِ التَّخْصِيصِ بِعَدَدِ دُونَ عَدَدٍ. فَقَالُوا: هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ وَقَالُوا: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ وَالْعِبْرِيِّ وَقَالُوا: إنَّ مَعْنَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَسَائِر كَلَامِ اللَّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ