للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ وَاسِطَةٌ فِيهِ وَسَفِيرٌ وَالْكَلَامُ كَلَامٌ لِمَنْ اتَّصَفَ بِهِ مُبْتَدِئًا مُنْشِئًا؛ لَا لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا كَمَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ كَلَامِ النَّاسِ فَكَيْفَ بِكَلَامِ اللَّه؟ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فِي التَّفْسِيرِ الْمُطَابِقِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ: أَنَّ الرَّسُولَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْآخَرِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ جَعَلَتْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جِبْرِيلَ فَيَكُونُ الْجَوَابُ هُوَ الثَّانِيَ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْحَقِيقَةِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ اللَّهِ وَيَقُولُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرَّسُولَ يَقُولُ قَوْلَ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِهِ وَالْمَعْنَى يُرَادُ مِنْ هَذَا قَطْعًا كَمَا أُرِيدُ مِنْهُ اللَّفْظُ أَيْضًا. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْكَلَامَ الَّذِي يَتَّصِفُ اللَّهُ بِهِ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِخْبَارُ وَأَنَّهُ إنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ هُوَ الْقُرْآنَ وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ كَانَ هُوَ التَّوْرَاةَ وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالسريانية كَانَ هُوَ الْإِنْجِيلَ وَهَذَا مما أَجْمَعَ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ. وَ " الْمَعْنَى الثَّانِي " الَّذِي خَالَفُوا فِيهِ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ إلَى الْأَرْضِ لَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ لَا حُرُوفُهُ وَلَا مَعَانِيهِ بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ عِنْدَهُمْ وَيَقُولُونَ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ