للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَكُونُ هَذِهِ أَوْصَافَهُ لَا أَقْسَامَهُ؟ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ مَعَانِيَ جَمِيعِ كَلَامِ اللَّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ فَمَعْنَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} هُوَ مَعْنَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَمَعْنَى التَّوْرَاةِ هُوَ مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالْإِنْجِيلِ. ثُمَّ قَدْ يَجْعَلُونَ مَعَانِيَ الْكَلَامِ كُلِّهَا الْخَبَرَ وَقَدْ يَجْعَلُونَ مَعْنَى الْخَبَرِ الْعِلْمَ وَيَجْعَلُونَ الْعِلْمَ بِهَذَا غَيْرَ الْعِلْمِ بِهَذَا. وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ يَقُولُونَ: فَسَادُ هَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ وَيَقُولُونَ: الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ صِفَاتٌ إضَافِيَّةٌ لِلْكَلَامِ وَلَيْسَتْ هِيَ أَنْوَاعٌ الْكَلَامِ وَأَقْسَامُهُ وَكَلَامُ اللَّهِ شَأْنُهُ أَعْظَمُ مِنْ شَأْنِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ وَالْكَلَامُ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْأَخِيرِ دُونَ الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ لِذَلِكَ اللَّفْظِ مِنْ الْخَصَائِصِ مَا قِيلَ فِيهِ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} . لَكِنْ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ بِقَصْدِ مِنْهُ وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ لِلدَّلَالَةِ كَالْجَامِدَاتِ فَإِنَّ فِيهَا مَقَاصِدَ غَيْرَ دَلَالَتِهَا عَلَى الْخَالِقِ وَمِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الدَّلَالَةُ. بِحَيْثُ إذَا ذُكِرَ مَا يُقْصَدُ بِذِكْرِهِ ذُكِرَ مَدْلُولُهُ كَالِاسْمِ مَعَ مُسَمَّاهُ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْمِ هُوَ الْمُسَمَّى؛ فَلِهَذَا إذَا ذُكِرَ الِاسْمُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ " اللَّفْظُ " مَعَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَدْلُولُهُ وَكَذَلِكَ " الْخَطُّ " مَعَ اللَّفْظِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخَطِّ