وَإِمَّا فِي الْمَنَامِ فَإِنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِينَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصِّحَاحِ وَقَالَ عبادة بْنُ الصَّامِتِ - وَيُرْوَى مَرْفُوعًا -: {رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ كَلَامٌ يُكَلِّمُ بِهِ الرَّبُّ عَبْدَهُ فِي الْمَنَامِ} وَكَذَلِكَ فِي " الْيَقَظَةِ " فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي فَعُمَرُ} وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ " مُكَلَّمُونَ " وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} . بَلْ قَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ} فَهَذَا الْوَحْيُ يَكُونُ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَكُونُ يَقَظَةً وَمَنَامًا. وَقَدْ يَكُونُ بِصَوْتِ هَاتِفٍ يَكُونُ الصَّوْتُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ نَفْسِهِ يَقِظَةً وَمَنَامًا كَمَا قَدْ يَكُونُ النُّورُ الَّذِي يَرَاهُ أَيْضًا فِي نَفْسِهِ. فَهَذِهِ " الدَّرَجَةُ " مِنْ الْوَحْيِ الَّتِي تَكُونُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَ صَوْتَ مَلَكٍ فِي أَدْنَى الْمَرَاتِبِ وَآخِرِهَا وَهِيَ أَوَّلُهَا بِاعْتِبَارِ السَّالِكِ وَهِيَ الَّتِي أَدْرَكَتْهَا عُقُولُ الإلهيين مِنْ فَلَاسِفَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ فِيهِمْ إسْلَامٌ وَصُبُوءٌ فَآمَنُوا بِبَعْضِ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ - وَلَكِنْ كَفَرُوا بِالْبَعْضِ فَتَجِدُ بَعْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute