للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا أَنَّ " أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ " وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَسَائِر أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلْقَدَرِيَّةِ وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مُحْدَثَةٌ. وَ (الْأَصْلُ الثَّانِي مَسْأَلَةُ " تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتُهُ وَاللَّفْظُ بِهِ " هَلْ يُقَالُ إنَّهُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ وَالْإِمَامُ أَحْمَد قَدْ نَصَّ عَلَى رَدِّ الْمُقَالَتَيْنِ هُوَ وَسَائِر أَئِمَّةِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُسْتَقْدِمِينَ وَالْمُسْتَأْخِرِين؛ لَكِنْ كَانَ رَدُّهُ عَلَى " اللَّفْظِيَّةِ النَّافِيَةِ " أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ وَأَغْلَظَ لِوَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ يُفْضِي إلَى زِيَادَةِ التَّعْطِيلِ وَالنَّفْيِ وَجَانِبُ النَّفْيِ - أَبَدًا - شَرٌّ مِنْ جَانِبِ الْإِثْبَاتِ؛ فَإِنَّ الرُّسُلَ جَاءُوا بِالْإِثْبَاتِ الْمُفَصَّلِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ وَبِالنَّفْيِ الْمُجْمَلِ: فَوَصَفُوهُ بِالْعِلْمِ وَالرَّحْمَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْكَلَامِ وَالْعُلُوِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ وَفِي النَّفْيِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} . وَأَمَّا الْخَارِجُونَ عَنْ حَقِيقَةِ الرِّسَالَةِ: مِنْ الصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ تَجَهَّمَ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ فَطَرِيقَتُهُمْ " النَّفْيُ الْمُفَصَّلُ " لَيْسَ كَذَا لَيْسَ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتُ أَمْرٌ مُجْمَلٌ وَلِهَذَا يُقَالُ: الْمُعَطِّلُ أَعْمَى وَالْمُشَبِّهُ أَعْشَى. فَأَهْلُ التَّشْبِيهِ مَعَ ضَلَالِهِمْ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِ التَّعْطِيلِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ أَحْمَد إنَّمَا اُبْتُلِيَ بالْجَهْمِيَّة الْمُعَطِّلَةِ فَهُمْ خُصُومُهُ،