للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ قَوْمٌ: إنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ المقدسي وَطَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد؛ وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ فورك وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ قَوْمٌ: بَعْضُهَا تَوْقِيفِيٌّ وَبَعْضُهَا اصْطِلَاحِيٌّ. وَهَذَا قَوْلُ طَوَائِفَ: مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ فِيهَا هَذَا وَهَذَا وَلَا نَجْزِمُ بِشَيْءِ. وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبَاقِلَانِي وَغَيْرِهِمَا. وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهَا كُلَّهَا اصْطِلَاحِيَّةٌ إلَّا طَوَائِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ - وَرَأْسُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَبُو هَاشِمٍ ابْنُ الجبائي. وَاَلَّذِينَ قَالُوا إنَّهَا " تَوْقِيفِيَّةٌ " تَنَازَعُوا: هَلْ التَّوْقِيفُ بِالْخِطَابِ أَوْ بِتَعْرِيفِ ضَرُورِيٍّ أَوْ كِلَيْهِمَا؟ فَمَنْ قَالَ: إنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ وَإِنَّ التَّوْقِيفَ بِالْخِطَابِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لَكِنْ نَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ فِي أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ مَا هُوَ مُرْتَجَلٌ وَضَعَهُ النَّاسُ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ التَّرَدُّدُ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ. وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ تَعْلِيمَ اللَّهِ لِآدَمَ بِالْخِطَابِ لَا يُوجِبُ بَقَاءَ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ بِأَلْفَاظِهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ؛ بَلْ الْمَأْثُورُ أَنَّ أَهْلَ سَفِينَةِ نُوحٍ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ السَّفِينَةِ أُعْطِيَ كُلُّ قَوْمٍ لُغَةً وَتَبَلْبَلَتْ أَلْسِنَتُهُمْ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا تَجَاذُبٌ وَالنِّزَاعُ فِيهَا بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَسَائِر أَهْلِ السُّنَّةِ يَعُودُ إلَى نِزَاعٍ