للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ " اللُّغَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ " كَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ المقدسي وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ فورك وَغَيْرِهِمَا. لَكِنَّ " التَّوْقِيفَ " هَلْ الْمُرَادُ بِهِ التَّكْلِيمُ أَوْ التَّعْرِيفُ أَوْ كِلَاهُمَا؟ هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ. فَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ يَقُولُونَ: إنَّهَا " تَوْقِيفِيَّةٌ " وَإِنَّ التَّعْلِيمَ هُوَ بِالْخِطَابِ فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْأَسْمَاءِ كُلِّهَا وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. قَالَ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ الضَّالُّونَ: وَكَلَامُ الْآدَمِيِّينَ لَيْسَ إلَّا مَا يَأْتَلِفُ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْأَسْمَاءِ وَتِلْكَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ. فَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَبَنَوْا قَوْلَهُمْ عَلَى أَنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَأَنَّ الْأَسْمَاءَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنْ الْحُرُوفِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَاعْتَقَدُوا مَعَ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ لَيْسَ إلَّا مَا يَأْتَلِفُ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْحُرُوفِ وَتِلْكَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ فَقَالُوا: كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ. وَإِذَا ضُويِقُوا. فَقَدْ يَقُولُونَ النَّظْمُ وَالتَّأْلِيفُ مَخْلُوقٌ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَنْظُومِ الْمُؤَلَّفِ فَهُوَ قَدِيمٌ ثُمَّ يَحْسَبُونَ أَنَّ الْمَوَادَّ الْمَنْظُومَةَ الْمُؤَلَّفَةَ هِيَ أَدْخَلُ فِي الْكَلَامِ مِنْ نَفْسِ التَّأْلِيفِ وَالنَّظْمِ كَمَا أَنَّ أَجْزَاءَ الْبَيْتِ هِيَ أَدْخَلُ فِي مُسَمَّاهُ مِنْ تَأْلِيفِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ اسْمًا لِلْأَجْزَاءِ وَلِتَأْلِيفِهَا.