للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا هُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ طَرِيقَةِ الْمُرْسَلِينَ. وَالْخَائِضُونَ فِي " أُصُولِ الْفِقْهِ " وَإِنْ قَالُوا: إنَّ الْكَلَامَ مَا تَأَلَّفَ مِنْ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا أَوْ مَا انْتَظَمَ مِنْ " الْحُرُوفِ " وَهِيَ الْأَصْوَاتُ الْمُقَطَّعَةُ الْمُتَوَاضِعُ عَلَيْهَا. وَتَنَازَعُوا فِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ الْمُؤَلَّفِ مَعَ غَيْرِهِ هَلْ يُسَمَّى كَلَامًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ كَمَا قَالَ أَكْثَرُ مُتَكَلِّمِيهِمْ: إنَّ الْجِسْمَ هُوَ الْمُؤَلَّفُ وَأَقَلُّ التَّرْكِيبِ مَنْ جَوْهَرَيْنِ وَتَنَازَعُوا فِي الْجَوْهَرِ الْوَاحِدِ الْمُؤَلَّفِ هَلْ يُسَمَّى جِسْمًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ فَهَذَا اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ لَهُمْ. كَمَا اصْطَلَحَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ مِثْلُ الِاسْمِ وَحَرْفُ الْمَعْنَى يُسَمَّى كَلِمَةً وَإِنْ كَانَتْ الْكَلِمَةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ العرباء لَا تُوجَدُ إلَّا اسْمًا لِلْجُمْلَةِ التَّامَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لَا يَحْضُرُنِي الْآنَ. وَإِذَا كَانَ النَّاسُ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ كَلَامُ مَنْ أَلَّفَ أَلْفَاظَهُ وَمَعَانِيَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَعَلَّمَ أَسْمَاءَهُ مِنْ غَيْرِهِ زَالَتْ كُلُّ شُبْهَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَوَجَبَ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ كَمَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الشِّعْرَ مِنْ كَلَامِ فُلَانٍ وَهَذَا الْكَلَامُ كَلَامُ فُلَانٍ؛ لَا كَلَامُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا قَبْلَهُمْ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَحُرُوفِهَا؛ فَإِنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ هُوَ كَلَامُ الَّذِينَ أَنْشَئُوهُ وَابْتَدَءُوهُ فَأَلَّفُوا أَلْفَاظَهُ وَمَعَانِيَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ تَعَلَّمَ أَسْمَاءَهُ وَحُرُوفَهُ مِنْ بَعْضٍ وَلَوْ كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ قَدْ سَمِعُوهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.