وَالْوَعِيدِ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نُصُوصِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَكُلٌّ مِنْ النُّصُوصِ يُفَسِّرُ الْآخَرَ وَيُبَيِّنُهُ فَكَمَا أَنَّ نُصُوصَ الْوَعْدِ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ الْكُفْرِ الْمُحْبِطِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ ارْتَدَّ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ فَكَذَلِكَ نُصُوصُ الْوَعِيدِ لِلْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ. فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ بِنُصُوصِ مَعْرُوفَةٍ أَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَأَنَّ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَأَنَّهُ يُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إذَا دَعَاهُ وَأَنَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَأَنَّهُ يَقْبَلُ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ كَمَا بَيَّنَ أَنَّ الصَّدَقَةَ يُبْطِلُهَا الْمَنُّ وَالْأَذَى وَأَنَّ الرِّبَا يُبْطِلُ الْعَمَلَ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ؛ أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَجَعَلَ لِلسَّيِّئَاتِ مَا يُوجِبُ رَفْعَ عِقَابِهَا كَمَا جَعَلَ لِلْحَسَنَاتِ مَا قَدْ يُبْطِلُ ثَوَابَهَا لَكِنْ لَيْسَ شَيْءٌ يُبْطِلُ جَمِيعَ السَّيِّئَاتِ إلَّا التَّوْبَةُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُبْطِلُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ إلَّا الرِّدَّةُ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّا نَشْهَدُ بِأَنَّ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute