وَأَدِلَّةُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ لَهَا مَوْضِعٌ آخَرُ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُؤْمِنُ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِاعْتِذَارُ بِالِاجْتِهَادِ لِظُهُورِ أَدِلَّةِ الرِّسَالَةِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْعُذْرَ بِالْخَطَأِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَكَمَا أَنَّ الذُّنُوبَ تَنْقَسِمُ إلَى كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ وَالْوَاجِبَاتُ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْكَانٍ وَوَاجِبَاتٍ لَيْسَتْ أَرْكَانًا: فَكَذَلِكَ الْخَطَأُ يَنْقَسِمُ إلَى مَغْفُورٍ وَغَيْرِ مَغْفُورٍ وَالنُّصُوصُ إنَّمَا أَوْجَبَتْ رَفْعَ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْخَطَأِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُخْطِئُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: إمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ مَعَ مُبَايَنَتِهِ لَهُمْ فِي عَامَّةِ أُصُولِ الْإِيمَانِ. وَإِمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُخْطِئِينَ فِي مَسَائِلِ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ مَعَ أَنَّهَا أَيْضًا مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ. فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ؛: هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الْإِيمَانِ وَقَوَاعِدِ الدِّينِ وَالْجَاحِدُ لَهَا كَافِرٌ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي بَعْضِهَا لَيْسَ بِكَافِرِ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ خَطَئِهِ. وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ: فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُخْطِئِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ أَشَدُّ شَبَهًا مِنْهُ بِالْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute