للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَفْعَالِ الْعِبَادِ فَكُلُّ نَاطِقٍ فَاَللَّهُ خَالِقُ نُطْقِهِ وَكَلَامِهِ فَلَوْ كَانَ مُتَكَلِّمًا بِمَا خَلَقَهُ مِنْ الْكَلَامِ لَكَانَ كُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامَهُ حَتَّى كَلَامُ إبْلِيسَ وَالْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا تَقُولُهُ غُلَاةُ الْجَهْمِيَّة كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَأَمْثَالِهِ يَقُولُونَ:

وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ … سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ

وَهَكَذَا أَشْبَاهُ هَؤُلَاءِ مِنْ غُلَاةِ الْمُشَبِّهَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يَجْعَلُونَ كَلَامَ الْمَخْلُوقِ بِمَنْزِلَةِ كَلَامِ الْخَالِقِ فَأُولَئِكَ يَجْعَلُونَ الْجَمِيعَ مَخْلُوقًا وَأَنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ الْجَمِيعَ كَلَامَ اللَّهِ وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلِهَذَا كَانَ قَدْ حَصَلَ اتِّصَالٌ بَيْنَ شَيْخِ الْجَهْمِيَّة الْحُلُولِيَّةِ وَشَيْخِ الْمُشَبِّهَةِ الْحُلُولِيَّةِ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الْبِدَعِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ سَلَّطَ اللَّهُ أَعْدَاءَ الدِّينِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} {الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} وَأَيُّ مَعْرُوفٍ أَعْظَمُ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ. وَأَيُّ مُنْكَرٍ أَعْظَمُ مِنْ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ؟

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ لِهَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ: مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِهِ