للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقَوْلِهِ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ مَخْلُوقٍ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ فِيهِ تَلْبِيسٌ. وَنَحْنُ لَا نَقُولُ كَلَّمَ مُوسَى بِكَلَامِ قَدِيمٍ وَلَا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ كَمَا قَالَ {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وَقَالَ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ كَثِيرٌ. يُبَيِّنُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ إذَا شَاءَ فَعَلَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ مِنْ تَكْلِيمِهِ وَأَفْعَالِهِ الْقَائِمَةِ بِنَفْسِهِ وَمَا كَانَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ هُوَ كَلَامُهُ لَا كَلَامُ غَيْرِهِ. وَالْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ قَائِمًا بِالْخَالِقِ وَلَا يَكُونُ الرَّبُّ مَحَلًّا لِلْمَخْلُوقَاتِ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَقُومُ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ كَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مَخْلُوقًا إنَّمَا الْمَخْلُوقُ مَا كَانَ بَائِنًا عَنْهُ. وَكَلَامُ اللَّهِ مِنْ اللَّهِ لَيْسَ بِبَائِنِ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ