وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ - وَهُوَ قَوْلُهُمْ وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ - كَلَامٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارِ وُجُوهٌ: - (أَحَدُهَا) أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ مَعَ عِبَادِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْكِتَابِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِثْلُ قَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وَقَوْلُهُ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلَى قَوْلِهِ: {أَيْنَ مَا كَانُوا} وَقَوْلُهُ: {إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وَقَالَ: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} فِي مَوْضِعَيْنِ وَقَوْلُهُ: {إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} {لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا} {وَقَالَ اللَّهُ إنِّي مَعَكُمْ} {إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَافَرَ يَقُولُ: {اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا} فَلَوْ كَانَ الْخَلْقُ عُمُومًا وَخُصُوصًا لَيْسُوا غَيْرَهُ وَلَا هُمْ مَعَهُ بَلْ مَا مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ: امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَعَ نَفْسِهِ وَذَاتِهِ فَإِنَّ الْمَعِيَّةَ تُوجِبُ شَيْئَيْنِ: كَوْنَ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ مَعَ هَؤُلَاءِ عُلِمَ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ: {هُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ} لَا شَيْءَ مَعَهُ؛ بَلْ هُوَ عَيْنُ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَعِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا الْمُقَارَنَةُ وَالْمُصَاحَبَةُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ مَعَ الْآخَرِ: امْتَنَعَ أَلَّا يَكُونَ الْآخَرُ مَعَهُ فَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مَعَ خَلْقِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ وُجُودٌ مَعَهُ وَلَا حَقِيقَةٌ أَصْلًا بَلْ هُمْ هُوَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute