وَهَذَا أَمْرٌ يَتَعَدَّدُ يَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ. فَإِذَا قِيلَ: هَذَا هُوَ كَلَامُهُ كَانَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُتَّحِدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا قِيلَ: هَذَا صَوْتُهُ كَانَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُخْتَصِّ الْمُتَعَدِّدِ فَيُقَالُ: هَذَا صَوْتٌ غَلِيظٌ أَوْ رَقِيقٌ أَوْ حَسَنٌ أَوْ لَيْسَ حَسَنًا؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَلَّهُ أَشَدُّ أَذْنًا إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ} وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ: {زُيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ} قَالَ أَحْمَد. يُحَسِّنُهُ بِصَوْتِهِ مَا اسْتَطَاعَ. فَبَيَّنَ الْإِمَامُ أَحْمَد أَنَّ الصَّوْتَ صَوْتُ الْقَارِئِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ كَلَامُ الْبَارِي. وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ تَبْلِيغِ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَذَلِكَ فِي تَبْلِيغِ كَلَامِ كُلِّ أَحَدٍ فَإِذَا سَمِعَ النَّاسُ مُنْشِدًا يُنْشِدُ. أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ قَالُوا: هَذَا شِعْرُ لَبِيَدٍ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَهَذَا كَلَامُ لَبِيَدٍ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ} . وَلَوْ قَالَ الْمُنْشِدُ: هَذَا شَعْرِي أَوْ كَلَامِي لَكَذَّبَهُ النَّاسُ كَمَا يُكَذِّبُونَهُ لَوْ قَالَ: هَذَا صَوْتُ لَبِيَدٍ وَإِذَا قَالَ: هَذَا لَفْظُ لَبِيَدٍ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ - وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْمَلْفُوظَ هُوَ كَلَامُهُ بِنَظْمِهِ وَتَأْلِيفِهِ - لَصَدَّقَهُ النَّاسُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute