الْمَعَالِي - قَالَ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي الْكَلَامِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْأَشْعَرِيِّ وَعَامَّةِ الْعُقَلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ التَّوْرَاةَ إذَا عُرِّبَتْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الْقُرْآنَ وَنَعْلَمُ أَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَيْسَتْ هِيَ مَعْنَى آيَةِ الدَّيْنِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى وَإِيحَائِهِ إلَى غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَفَرَّقَ بَيْنَ التَّكْلِيمِ الَّذِي حَصَلَ لِمُوسَى وَبَيْنَ الْإِيحَاءِ الْمُشْتَرَكِ وَمُوسَى سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى. {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} {إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا} . وَالرَّسُولُ إذَا بَلَّغَهُ إلَى النَّاسِ وَبَلَّغَهُ النَّاسُ عَنْهُ كَانَ مَسْمُوعًا سَمَاعًا مُقَيَّدًا بِوَاسِطَةِ الْمُبَلِّغِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} فَهُوَ مَسْمُوعٌ مُبَلَّغٌ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ الْمَخْلُوقِ؛ بِخِلَافِ سَمَاعِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَسْمَعُ كَلَامَ الرَّسُولِ مِنْ الْمُبَلِّغِينَ عَنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ كَالسَّمَاعِ مِنْهُ فَأَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute