يُكْتَبُ بِهِ الْحُرُوفُ وَالْمِدَادُ كُلُّهُ مَخْلُوقٌ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَالصَّوْتُ الَّذِي يَقْرَأُ بِهِ النَّاسُ الْقُرْآنَ هُوَ صَوْتُ الْعِبَادِ؛ لَكِنْ الْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ} فَالْكَلَامُ كَلَامُ الْبَارِي وَالصَّوْتُ صَوْتُ الْقَارِئِ وَهَذَا لَيْسَ هُوَ الصَّوْتَ الَّذِي يُنَادِي اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَيَسْمَعُهُ مُوسَى وَغَيْرُهُ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَهُوَ أَيْضًا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ عِنْدَهُمْ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ فَهُوَ قَدِيمُ النَّوْعِ وَأَمَّا نَفْسُ " النِّدَاءِ " الَّذِي نَادَى بِهِ مُوسَى وَنَحْوَهُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ نَادَاهُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى} وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهُ فَكَانَ السَّلَفُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ نَوْعِ الْكَلَامِ وَبَيْنَ الْكَلِمَةِ الْمُعَيَّنَةِ. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} . وكلام اللَّهِ وَمَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مِنْ نِدَائِهِ. وَغَيْرِ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ بَائِنٍ مِنْهُ بَلْ هُوَ مِنْهُ وَالْقُرْآنُ سَمِعَهُ جِبْرِيلُ مِنْ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} وَنَحْوَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute