للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ عَارَضَ الْقُرْآنَ بِعَقْلِ وَرَأْيٍ وَقِيَاسٍ وَلَا بِذَوْقِ وَوَجْدٍ وَمُكَاشَفَةٍ وَلَا قَالَ قَطُّ قَدْ تَعَارَضَ فِي هَذَا الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقُولَ: فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْعَقْلِ. وَالنَّقْلُ - يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - إمَّا أَنْ يُفَوَّضَ وَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ. وَلَا فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ لَهُ ذَوْقًا أَوْ وَجْدًا أَوْ مُخَاطَبَةً أَوْ مُكَاشَفَةً تُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ حَيْثُ يَأْخُذُ الْمَلَكُ الَّذِي يَأْتِي الرَّسُولَ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْدِنِ عِلْمَ التَّوْحِيدِ وَالْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ يَأْخُذُونَ عَنْ مِشْكَاتِهِ. أَوْ يَقُولَ: الْوَلِيُّ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْإِلْحَادِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَمْ تَكُنْ حَدَثَتْ بَعْدُ فِي الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِثْلُ هَذِهِ إمَّا عَنْ مَلَاحِدَةِ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى فَإِنَّ فِيهِمْ مَنْ يُجَوِّزُ أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ كَمَا قَدْ يَقُولُهُ فِي الْحَوَارِيِّينَ فَإِنَّهُمْ عِنْدَهُمْ رُسُلٌ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَفْضَلُ مِنْ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ؛ بَلْ وَمِنْ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَإِنْ سَمَّوْهُمْ أَنْبِيَاءَ إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَلَمْ يَكُنْ السَّلَفُ يَقْبَلُونَ مُعَارَضَةَ الْآيَةِ إلَّا بِآيَةِ أُخْرَى تُفَسِّرُهَا وَتَنْسَخُهَا؛ أَوْ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفَسِّرُهَا. فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَيِّنُ الْقُرْآنَ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَا عَارَضَ الْآيَةَ نَاسِخًا لَهَا فَالنَّسْخُ عِنْدَهُمْ اسْمٌ عَامٌّ لِكُلِّ مَا يَرْفَعُ دَلَالَةَ الْآيَةِ عَلَى مَعْنًى بَاطِلٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ