وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ: فَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ وَقَدْ رَجَّحْنَا التَّفْصِيلَ؛ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ يُرَادُ بِهِ إيقَاعُ الطَّلَاقِ تَارَةً وَيُرَادُ بِهِ مَنْعُ إيقَاعٍ تَارَةً فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. فَقَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَتَى بِالتَّطْلِيقِ فَيَقَعُ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلَّقَ لِئَلَّا يَقَعَ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ هَذَا لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ بَعْدَ هَذَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ الْمَشِيئَةُ تُنْجِزُهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا إذَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ تَطْلِيقٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ قَطُّ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِتَطْلِيقِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَ تَعْلِيقَهُ لِئَلَّا يَقَعَ الْآنَ. وَأَمَّا إنْ قَصَدَ إيقَاعَهُ الْآنَ وَعَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ تَوْكِيدًا وَتَحْقِيقًا فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ. وَمَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَنْشَأَ الْإِيمَانَ فَعَلَّقَهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ فَإِذَا عَلَّقَهُ فَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَا أُومِنُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا لَمْ يَصِرْ مُؤْمِنًا مِثْلَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: هَلْ تَصِيرُ مِنْ أَهْلِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ أَصِيرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهَذَا لَمْ يُسْلِمْ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى الْكُفْرِ. وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَنِّي قَدْ آمَنْت وَإِيمَانِي بِمَشِيئَةِ اللَّهِ صَارَ مُؤْمِنًا لَكِنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ يَحْتَمِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute