ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةِ غَيَّرَ الْبَيْتَ بِقَوْلِهِ:
لَقَدْ حَقَّ لِي عِشْقُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ
فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَقَامُ الْبِدَايَةِ أَنْ يَرَى الْأَكْوَانَ حُجُبًا فَيَرْفُضُهَا ثُمَّ يَرَاهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ فَيَحِقُّ لَهُ الْعِشْقُ لَهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
أَقْبَلُ أَرْضًا سَارَ فِيهَا جَمَالُهَا … فَكَيْفَ بِدَارِ دَارَ فِيهَا جَمَالُهَا
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ عَقِيبَ إنْشَادِ بَيْتَيْ أَبِي نُوَاسٍ:
رَقَّ الزُّجَاجُ وَرَاقَتْ الْخَمْرُ … وَتَشَاكَلَا فَتَشَابَهَ الْأَمْرُ
فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلَا قَدَحٌ … وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلَا خَمْرُ
لَبِسَ صُورَةَ الْعَالَمِ؛ فَظَاهِرُهُ خَلْقُهُ وَبَاطِنُهُ حَقُّهُ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: عَيْنُ مَا تَرَى ذَاتٌ لَا تَرَى وَذَاتٌ لَا تَرَى عَيْنُ مَا تَرَى اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ. قَالَ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ ابْنُ سَبْعِينَ: رَبٌّ مَالِكٌ وَعَبْدٌ هَالِكٌ وَأَنْتُمْ ذَلِكَ. اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ ابْنُ عَرَبِيٍّ:
يَا صُورَةَ أُنْسِ سِرُّهَا معنائي … مَا خَلْقُك لِلْأَمْرِ تَرَى لِوَلَائِي
شِئْنَاك فَأَنْشَأْنَاك خَلْقًا بَشَرًا … لِتَشْهَدَنَا فِي أَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute