للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَعَالَى - اشْتَاقَ بِأَنْ يَرَى ذَاتَه الْمُقَدَّسَةَ فَخَلَقَ مِنْ نُورِهِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَهُ كَالْمِرْآةِ يَنْظُرُ إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ فِيهَا وَإِنِّي أَنَا ذَلِكَ النُّورُ وَآدَمُ الْمِرْآةُ. قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ السُّلُوكِ:

وَشَاهِدْ إذَا اسْتَجْلَيْت نَفْسَك … مَنْ تَرَى بِغَيْرِ مِرَاءٍ فِي الْمِرْآةِ الصَّقِيلَةِ

أَغَيْرُك فِيهَا لَاحَ أَمْ أَنْتَ نَاظِرٌ … إلَيْك بِهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأَشِعَّةِ؟

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ إسْرَائِيلَ الْأَمْرُ أَمْرَانِ: أَمْرٌ بِوَاسِطَةِ وَأَمْرٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَالْأَمْرُ الَّذِي بِالْوَسَائِطِ رَدَّهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَبِلَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأَمْرُ الَّذِي بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . فَقَالَ لَهُ فَقِيرٌ: إنَّ اللَّهَ قَالَ لِآدَمَ بِلَا وَاسِطَةٍ: لَا تَقْرَبُ الشَّجَرَةَ - فَقَرِبَ وَأَكَلَ. فَقَالَ: صَدَقْت وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ إنْسَانٌ كَامِلٌ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ: آدَمَ صَفِيُّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَكَانَ قَوْلُهُ لِآدَمَ " لَا تَقْرَبْ الشَّجَرَةَ " ظَاهِرًا وَكَانَ أَمْرُهُ " كُلْ " بَاطِنًا فَأَكَلَ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى. وَإِبْلِيسُ كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا فَأُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَرَآهُ غَيْرًا فَلَمْ يَسْجُدْ. فَغَيْرُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَالَ: {اخْرُجْ مِنْهَا} . وَقَالَ شَخْصٌ لِسَيِّدِي يَا سَيِّدِي حَسَنُ إذَا كَانَ اللَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} أيش نَكُونُ نَحْنُ؟ فَقَالَ سَيِّدِي لَهُ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُ أَوْ تَظُنُّ فَقَوْلُهُ لَهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} عَيْنُ الْإِثْبَاتِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ