بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} وَقَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} وَقَدْ كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبَى عُبَيْدٍ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ حَتَّى قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ لِأَحَدِهِمَا إنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَقَالَ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} وَقِيلَ لِلْآخَرِ: إنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَقَالَ {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} . فَهَؤُلَاءِ يَحْتَاجُونَ إلَى الْفُرْقَانِ الْإِيمَانِيِّ الْقُرْآنِيِّ النَّبَوِيِّ الشَّرْعِيِّ أَعْظَمَ مِنْ حَاجَةِ غَيْرِهِمْ وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حِسِّيَّاتٌ يَرَوْنَهَا وَيَسْمَعُونَهَا وَالْحِسِّيَّاتُ يُضْطَرُّ إلَيْهَا الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَمَا قَدْ يَرَى الْإِنْسَانُ أَشْيَاءَ وَيَسْمَعُ أَشْيَاءَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَمَا أَنَّ النُّظَّارَ لَهُمْ قِيَاسٌ وَمَعْقُولٌ وَأَهْلُ السَّمْعِ لَهُمْ أَخْبَارٌ مَنْقُولَاتٌ وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ هِيَ طُرُقُ الْعِلْمِ: الْحِسُّ وَالْخَبَرُ وَالنَّظَرُ وَكُلُّ إنْسَانٍ يَسْتَدِلُّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ؛ لَكِنْ يَكُونُ بَعْضُ الْأَنْوَاعِ أَغْلَبَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فِي الدِّينِ وَغَيْرِ الدِّينِ كَالطِّبِّ فَإِنَّهُ تَجْرِبَاتٌ وَقِيَاسَاتٌ وَأَهْلُهُ مِنْهُمْ مَنْ تَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّجْرِبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ وَالْقِيَاسُ أَصْلُهُ التَّجْرِبَةُ وَالتَّجْرِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قِيَاسٍ؛ لَكِنْ مِثْلَ قِيَاسِ الْعَادِيَّاتِ لَا تُعْرَفُ فِيهِ الْعِلَّةُ وَالْمُنَاسَبَةُ وَصَاحِبُ الْقِيَاسِ مَنْ يَسْتَخْرِجُ الْعِلَّةَ الْمُنَاسِبَةَ وَيُعَلِّقُ الْحُكْمَ بِهَا وَالْعَقْلُ خَاصَّةُ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ وَالْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute