فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ فَإِذَا حَضَرَ الْمُرِيدُ ذَكَرَ لَهُ الشَّيْخُ أَنَّ يَدِي كَانَتْ فِي الْإِنَاءِ فَيُصَدِّقُهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شَهْرٍ وَالشَّيْخُ مَوْضِعَهُ وَيَدُهُ لَمْ تَطُلْ وَلَكِنَّ الْجِنِّيَّ مَثَّلَ لِلشَّيْخِ وَمَثَّلَ لِلْمُرِيدِ حَتَّى ظَنَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْآخَرِ وَإِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَا مَثَّلَهُ الْجِنِّيُّ وَخَيَّلَهُ. وَإِذَا سُئِلَ الشَّيْخُ الْمَخْدُومُ عَنْ أَمْرٍ غَائِبٍ إمَّا سَرِقَةٍ وَإِمَّا شَخْصٍ مَاتَ وَطُلِبَ مِنْهُ أَنْ يُخْبِرَ بِحَالِهِ أَوْ عِلَّةٍ فِي النِّسَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجِنِّيَّ قَدْ يُمَثِّلُ ذَلِكَ فَيُرِيهِ صُورَةَ الْمَسْرُوقِ فَيَقُولُ الشَّيْخُ: ذَهَبَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُعَظَّمًا وَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى سَرِقَتِهِ مَثَّلَ لَهُ الشَّيْخُ الَّذِي أَخَذَهُ أَوْ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ فَيَذْهَبُونَ إلَيْهِ فَيَجِدُونَهُ كَمَا قَالَ وَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ صُورَةَ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي سَرَقَ الْمَالَ مَعَهُ أَيْضًا جِنِّيٌّ يَخْدِمُهُ وَالْجِنُّ يَخَافُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَ يَخَافُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَإِذَا دَلَّ الْجِنِّيُّ عَلَيْهِ جَاءَ إلَيْهِ أَوْلِيَاءُ السَّارِقِ فَآذَوْهُ وَأَحْيَانًا لَا يَدُلُّ لِكَوْنِ السَّارِقِ وَأَعْوَانِهِ يَخْدِمُونَهُ وَيَرْشُونَهُ كَمَا يُصِيبُ مَنْ يَعْرِفُ اللُّصُوصَ مِنْ الْإِنْسِ تَارَةً يَعْرِفُ السَّارِقَ وَلَا يُعَرِّفُ بِهِ إمَّا لِرَغْبَةِ يَنَالُهَا مِنْهُ وَإِمَّا لِرَهْبَةِ وَخَوْفٍ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ لِكَبِيرِ يَخَافُهُ وَيَرْجُوهُ عَرَّفَ سَارِقَهُ فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ اسْتِمْتَاعِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ.
وَالْجِنُّ مُكَلَّفُونَ كَتَكْلِيفِ الْإِنْسِ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute