للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مَا لِلسَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَمَا يَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ مِنْ الْعَجَائِبِ وَظَنُّوا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِرَجُلِ صَالِحٍ؛ فَصَارَ مَنْ ظَهَرَتْ هَذِهِ لَهُ يَظُنُّ أَنَّهَا كَرَامَةٌ فَيَقْوَى قَلْبُهُ بِأَنَّ طَرِيقَتَهُ هِيَ طَرِيقَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ يُظَنُّ فِيهِ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُونَ: الْوَلِيُّ إذَا تَوَلَّى لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ مُخَالِفًا لِمَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ مِثْلِ تَرْكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَأَكْلِ الْخَبَائِثِ كَالْخَمْرِ وَالْحَشِيشَةِ وَالْمَيْتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِعْلِ الْفَوَاحِشِ وَالْفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ فِي الْمَنْطِقِ وَظُلْمِ النَّاسِ وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالشِّرْكِ بِاَللَّهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَظُنُّ فِيهِ أَنَّهُ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ قَدْ وَهَبَهُ هَذِهِ الْكَرَامَاتِ بِلَا عَمَلٍ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْمَالِ الشَّيَاطِينِ وَأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيَاطِينِ تُضِلُّ بِهَا النَّاسَ وَتُغْوِيهِمْ. وَدَخَلَتْ الشَّيَاطِينُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ ذَلِكَ فَتَارَةً يَأْتُونَ الشَّخْصَ فِي النَّوْمِ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَأَنَا أتوبك لِي وَأَصِيرُ شَيْخَك وَأَنْتَ تتوب النَّاسَ لِي وَيُلْبِسُهُ فَيُصْبِحُ وَعَلَى رَأْسِهِ مَا أَلْبَسَهُ فَلَا يَشُكُّ أَنَّ الصِّدِّيقَ هُوَ الَّذِي جَاءَهُ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الشَّيْطَانُ وَقَدْ جَرَى مِثْلُ هَذَا لِعِدَّةِ مِنْ الْمَشَايِخِ بِالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ وَتَارَةً يَقُصُّ شَعْرَهُ فِي النَّوْمِ فَيُصْبِحُ فَيَجِدُ شَعْرَهُ مَقْصُوصًا وَتَارَةً يَقُولُ: أَنَا الشَّيْخُ فُلَانٌ فَلَا يَشُكُّ أَنَّ الشَّيْخَ نَفْسَهُ جَاءَهُ وَقَصَّ شَعْرَهُ.