لَهُ: هَبْ أَنَّ فِي هَذَا نِزَاعًا فَهُوَ لَمْ يُقِمْ دَلِيلًا عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ؛ بَلْ قَالَ هَذَا عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ: إمَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالذَّاتِ أَوْ الْعِبَارَاتِ الْمَخْلُوقَةَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَجُوزُ إرَادَتُهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ هِيَ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْحُرُوفِ الْمَنْظُومَةِ، وَلَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا وَذَلِكَ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ هُوَ نَفْسُ الْمَعْنَى وَإِنْ أَرَدْت الْحُرُوفَ - وَهُوَ مُرَادُهُ - فَتِلْكَ عِنْدَك مَخْلُوقَةٌ وَيَجُوزُ عِنْدَك أَنْ يَخْلُقَ كُلَّ شَيْءٍ لَيْسَ مُنَزَّهًا عَنْ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْعَيْبُ عِنْدَك هُوَ مَا لَا تُرِيدُهُ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ حُجَّةٌ لَا عَلَى صِدْقِهِ وَلَا عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ الْعَيْبِ فِي خِطَابِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يُنَزِّهُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَفْعَالِ وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ عَدْلَهُ وَلَا حِكْمَتَهُ وَلَا رَحْمَتَهُ وَلَا صِدْقَهُ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَصْدُهُمْ إثْبَاتُ هَذِهِ الْأُمُورِ؛ وَلِهَذَا يَذْكُرُونَهَا فِي خُطْبَةِ الصِّفَاتِ كَمَا يَذْكُرُهَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ صُوَرِ الْأَدِلَّةِ خُطْبَةٌ مَضْمُونُهَا: أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ عَدْلٌ {لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} وَ {إِنّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} وَأَظُنُّ فِيهَا إثْبَاتَ صِدْقِهِ؛ وَلِهَذَا يُكَفِّرُونَ مَنْ يُجَوِّرُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ أَوْ يُسَفِّهُهُ أَوْ يُشَبِّهُهُ؛ وَلَكِنْ قَدْ غَلِطُوا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مَعَهَا حَقٌّ وَبَاطِلٌ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ الْحَقَّ إلَّا مَنْ اتَّبَعَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَآمَنَ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كُلِّهِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute