رُسُلِهِ فَقَالَ فِي الزُّمَرِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الْآيَةَ. وَقَالَ فِي الْحَجِّ: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} وَقَالَ فِي الْأَنْعَامِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} . وَفِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ ذَمَّ الَّذِينَ مَا قَدَرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْدُرَ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَهُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَأَنْ يُجَاهِدَ فِيهِ حَقَّ جِهَادِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} وَقَالَ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} وَالْمَصْدَرُ هُنَا مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مُرَادٌ أَيْ حَقَّ جِهَادِهِ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ وَحَقَّ تُقَاتِهِ الَّتِي أَمَرَكُمْ بِهَا وَاقْدُرُوهُ قَدْرَهُ الَّذِي بَيَّنَهُ لَكُمْ وَأَمَرَكُمْ بِهِ فَصَدِّقُوا الرَّسُولَ فِيمَا أَخْبَرَ وَأَطِيعُوهُ فِيمَا أَوْجَبَ وَأَمَرَ. وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ عَنْ طَاقَةِ الْبَشَرِ فَذَلِكَ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ عَلَى تَرْكِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ. وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ لَهُ قَدْرًا عَظِيمًا؛ لَا سِيَّمَا قَوْلُهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَقَدْ قَدَرَ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute