كَمَنْ قَالَ إنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ أَوْ قَالَ إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُثْبِتُوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَلَا أَثْبَتُوا لَهُ كَلَامًا؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: مَا لَا يَعْقِلُ. هَذَا يَقُولُ: إنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَامَ بِالذَّاتِ وَهَذَا يَقُولُ: حُرُوفٌ أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ وَهَذَا يَقُولُ: مَخْلُوقٌ بَائِنٌ عَنْهُ. وَلِهَذَا لَمَّا ظَهَرَ لِطَائِفَةٍ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ مَا فِي قَوْلِهِمْ مِنْ الْفَسَادِ وَلَمْ يَعْرِفُوا عَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَارُوا وَتَوَقَّفُوا وَقَالُوا: نَحْنُ نُقِرُّ بِمَا عَلَيْهِ عُمُومُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مَخْلُوقًا أَوْ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ أَوْ مَعْنًى قَائِمٍ بِالذَّاتِ فَلَا نَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهُدَى فِي هَذِهِ الْأُصُولِ وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ فِيهَا هُوَ مَعْرِفَةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ أَنْفَعُ وَأَعْظَمُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ لَا سِيَّمَا وَالْقُلُوبُ تَطْلُبُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ فِي هَذِهِ بِالْفِطْرَةِ وَلِمَا قَدْ رَأَوْا مِنْ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا. وَهَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ هَذَا الْوَقْفَ فِي عَقَائِدِهِمْ وَفِيمَا صَنَّفُوهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ كَمَا قَدْ رَأَيْت مِنْهُمْ مِنْ أَكَابِرِ شُيُوخِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ بِمِصْرِ وَالشَّامِ قَدْ صَنَّفُوا فِي أُصُولِ الدِّينِ مَا صَنَّفُوهُ وَلَمَّا تَكَلَّمُوا فِي " مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ " وَهَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ؟ أَوْ قَدِيمٌ؟ أَوْ هُوَ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ؟ أَوْ مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ؟ نَهَوْا عَنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَالُوا: الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute