للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَ الرَّبِّ وَغَيْرِهِ؛ بَلْ جَعَلَ إبْلِيسَ هُوَ اللَّهَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ جَعَلَهُ أَفْضَلَهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ. وَلِهَذَا عَابَ ابْنُ عَرَبِيٍّ نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بُعِثَ إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ وَأَنْجَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَأَهْلَكَ سَائِرَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَمَّا كَذَّبُوهُ؛ فَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا وَعَظَّمَ قَوْمه الْكُفَّار الَّذِينَ عَبَدُوا الْأَصْنَامَ وَأَنَّهُمْ مَا عَبَدُوا إلَّا اللَّهَ وَأَنَّ خَطَايَاهُمْ خَطَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا فِي بِحَارِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَهَذَا عَادَتُهُ يَنْتَقِصُ الْأَنْبِيَاءَ وَيَمْدَحُ الْكُفَّارَ كَمَا ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَغَيْرِهِمْ. وَمَدَحَ عُبَّادَ الْعِجْلِ وَتَنَقَّصَ هَارُونَ وَافْتَرَى عَلَى مُوسَى. فَقَالَ: وَكَانَ مُوسَى أَعْلَمَ بِالْأَمْرِ مِنْ هَارُونَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا عَبَدَهُ أَصْحَابُ الْعِجْلِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ لَا يُعْبَدَ إلَّا إيَّاهُ وَمَا قَضَى اللَّهُ بِشَيْءِ إلَّا وَقَعَ فَكَانَ عَتْبُ مُوسَى أَخَاهُ هَارُونَ لَمَّا وَقَعَ الْأَمْرُ فِي إنْكَارِهِ وَعَدَمِ اتِّسَاعِهِ؛ فَإِنَّ الْعَارِفَ مَنْ يَرَى الْحَقَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ بَلْ يَرَاهُ عَيْنَ كُلِّ شَيْءٍ فَذَكَرَ عَنْ مُوسَى أَنَّهُ عَتَبَ عَلَى هَارُونَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ الْعِجْلِ وَأَنَّهُ لَمْ يَسَعْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ فَإِنَّ الْعَارِفَ مَنْ يَرَى الْحَقَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ بَلْ يَرَاهُ عَيْنَ كُلِّ شَيْءٍ.