قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} فَعَهْدُهُ بِالْإِمَامَةِ لَا يَنَالُ الظَّالِمَ فَالظَّالِمُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَمَّ بِهِ فِي ظُلْمِهِ وَلَا يُرْكَنَ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَرْكَنُوا إلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} فَمَنْ ائْتَمَّ بِمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فَكَيْفَ بِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَعَبَدَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْعِبَادَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَقَدْ غَلِطَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ فَظَنُّوا أَنَّ " الْإِلَهَ " بِمَعْنَى الْفَاعِلِ وَجَعَلُوا الْإِلَهِيَّةَ هِيَ الْقُدْرَةُ وَالرُّبُوبِيَّةُ فَالْإِلَهُ هُوَ الْقَادِرُ وَهُوَ الرَّبُّ وَجَعَلُوا الْعِبَادَ مَأْلُوهِينَ كَمَا أَنَّهُمْ مربوبون. فَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ مُتَنَازِعُونَ فِي أُمُورٍ لَكِنَّ إمَامَهُمْ ابْنَ عَرَبِيٍّ يَقُولُ: الْأَعْيَانُ ثَابِتَةٌ فِي الْعَدَمِ وَوُجُودُ الْحَقِّ فَاضَ عَلَيْهَا؛ فَلِهَذَا قَالَ: فَنَحْنُ جَعَلْنَاهُ بمألوهيتنا إلَهًا. فَزَعَمَ أَنَّ الْمَخْلُوقَاتِ جَعَلَتْ الرَّبَّ إلَهًا لَهَا حَيْثُ كَانُوا مَأْلُوهِينَ وَمَعْنَى مَأْلُوهِينَ عِنْدَهُ مربوبين وَكَوْنُهُمْ مَأْلُوهِينَ حَيْثُ كَانَتْ أَعْيَانُهُمْ ثَابِتَةً فِي الْعَدَمِ. وَفِي كَلَامِهِمْ مِنْ هَذَا وَأَمْثَالِهِ مِمَّا فِيهِ تَنَقُّصٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ مَا لَا يُحْصَى فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. و " التَّحْقِيقُ " أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَعْدُومُ لَيْسَ بِشَيْءِ فِي الْخَارِجِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَيَكْتُبُهُ وَقَدْ يَذْكُرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute