فَلَا يُلَامُ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: " الْمُجَبِّرَةُ " بَلْ قُدْرَتُهُ ثَابِتَةٌ بِلَا حِكْمَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ لِحِكْمَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفِعْلِ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ الْحَاجَةِ وَلَا عَدْلَ وَلَا ظُلْمَ بَلْ كُلُّ مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ فَهُوَ عَدْلٌ وَلَيْسَ فِي الْأَفْعَالِ مَا هُوَ حَسَنٌ يَنْبَغِي الْأَمْرُ بِهِ وَقَبِيحٌ يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْهُ وَلَا مَعْرُوفَ وَمُنْكَرَ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِكُلِّ شَيْءٍ وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. ثُمَّ مَنْ حَقَّقَ مِنْهُمْ أَنْكَرَ الشَّرْعَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْكَرَ النُّبُوَّاتِ مَعَ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى أَنْ يَأْمُرَ بِشَيْءِ وَيَنْهَى عَنْ شَيْءٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ لَا يَجِدُونَ عَنْهُ مَحِيصًا؛ لَكِنْ مَنْ اتَّبَعَ الْأَنْبِيَاءَ يَأْمُرُ بِمَا يَنْفَعُهُ وَيَنْفَعُ غَيْرَهُ وَيَنْهَى عَمَّا يَضُرُّهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ وَمَنْ خَالَفَ الْأَنْبِيَاءَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا يَضُرُّ وَيَنْهَى عَمَّا يَنْفَعُ فَيَسْتَحِقُّ عَذَابَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُقِرًّا بِالنُّبُوَّةِ فَأَنْكَرَ الشَّرْعَ فِي الْبَاطِنِ وَقَالَ: الْعَارِفُ لَا يَسْتَحْسِنُ حَسَنَةً وَلَا يَسْتَقْبِحُ سَيِّئَةً صَارَ مُنَافِقًا يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ وَيَقُولُ الشَّرْعُ لِأَجْلِ الْمَارَسْتَانِ؛ وَلِهَذَا يُسَمَّوْنَ " بَاطِنِيَّةً " كَمَا سَمَّوْا الْمَلَاحِدَةَ " بَاطِنِيَّةً " فَإِنَّ كِلَاهُمَا يُبْطِنُ خِلَافَ مَا يُظْهِرُ يُبْطِنُونَ تَعْطِيلَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. فَمُنْتَهَى الْجَهْمِيَّة الْمُجَبِّرَةِ إمَّا مُشْرِكُونَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِمَّا مُنَافِقُونَ يُبْطِنُونَ الشِّرْكَ؛ وَلِهَذَا يَظُنُّونَ بِاَللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ وَأَنَّهُ لَا يَنْصُرُ مُحَمَّدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute